تواصل معنا
مقالات

تسعون عاماً من السينما في الأردن

رامي الجيوسي   |   2022/01/21

صالات تكاثرت ثم تضاءلت

بحسب ما وثّقت الباحثة السينمائية أرين نايل، دخل فن السينما إلى الأردن في عام 1929، أي بعد ثلاثين عامًا من بداية فن السينما في نهاية القرن التاسع عشر في كل من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، وفقاً لنايل.

وتضيف نايل " لقد شهدنا بناء أول دار سينما صامتة في عمّان، وهي سينما "صياح" في منطقة وسط البلد بالقرب من سوق السكّر. وفي عام ١٩٣٤، افتتحت أول دار للسينما الناطقة وهي سينما "البتراء" وبقيت هي الدار الوحيدة للسينما حتى عام ١٩٤٠ إلى أن افتتحت سينما "الإمارة" التي كانت تعمل بالنظام الصيفي، وكان مقرها على سطح إحدى البنايات في عمّان دون سقف. وبعد فترة، تم تحويلها إلى سينما داخلية كي يكون عرض الأفلام على مدار العام ممكناً. وفي عام ١٩٤٦، افتتحت سينما "الفردوس" وفي عام ١٩٥٠ افتتحت سينما "الفيومي" التي أصبح اسمها فيما بعد سينما "الخيام". وفي الخمسينات والستينات والسبعينات، افتتحت دور سينما أخرى في عمّان، ولم يقتصر ذلك على عمّان فقط بل امتد ليشمل مدناً أخرى، ففي عام ١٩٤٦، افتتحت أول دار سينما في محافظة إربد باسم "سينما البتراء" والتي كانت تعمل بالنظام الصيفي في أول عهدها، وتم تحويلها لسينما تعمل طوال العام فيما بعد. وفي السبعينات، وصل عدد دور السينما في إربد إلى ست دور سينما، وانتشرت بعدها في مدن أردنية أخرى مثل المفرق والزرقاء والسلط والعقبة. ثم وصل عدد دور السينما في الأردن في عام ١٩٨٠ إلى ٧٠ دار سينما، لم يبقَ سوى عدد قليل منها حالياً. 

وتعزو نايل أسباب إغلاق دور السينما في الأردن إلى ارتفاع الضرائب على الأفلام المستوردة، وانتشار التلفزيون وأجهزة الفيديو، وظهور دور العرض الحديثة بتجهيزاتها المتقدمة بالإضافة إلى عدم قدرة دور العرض القديمة على مواكبة هذا التطور.

كما تشير إلى أنه من اللافت للانتباه أن دور السينما الأردنية ظلّت مقتصرة على الرجال دون النساء لفترات طويلة، إلى أن تم تخصيص أيام للنساء والعائلات. ومع تطوّر المجتمع الأردني وإقبال الناس على السينما، أصبحت هذه الصالات تُخصّص أماكن للعائلات وأماكن للرجال في الصالة ذاتها.

 وفي حوار مع صاحب مكتبة الحوراني في وسط البلد سليمان الحوراني، قال لنا "لقد عايشت دور العرض في وسط البلد عندما كانت التذكرة بسبعة قروش، وكنا نجمع مصروفنا ونذهب لنشاهد فيلماً. كانت متعة لا مثيل لها وكنا نذهب في أيام الجمع إليها مع العائلة". وأضاف الحوراني بأن الشخصيات المهمة من ملوك وأمراء وفنانين أمثال عمر الشريف وسمير غانم وفريد الأطرش كانوا يزورون دور العرض أيضاً.

 وختم الحوراني كلامه بالقول "يا ريت يرجع فينا الزمن لهناك، كانت الحياة أحلى". 

أول الأفلام في الأردن

أما أول إنتاج سينمائي أردني، فتخبرنا نايل بأن "أول فيلم أردني روائي طويل كان في عام ١٩٥٧، وهو فيلم "صراع في جرش" الذي عمل عليه العديد من الهواة والمهتمين في دور السينما وكانت إمكاناتهم محدودة، الأمر الذي ظهر جلياً في المستوى المتدني لهذا العمل. وبعد هذا الفيلم، أُنتجت مجموعة من الأفلام الروائية الطويلة مثل فيلم "وطني حبيبي" في عام ١٩٦٤ وفيلم "عاصفة على البتراء" في عام ١٩٦٥ وفيلم "الأفعى" في عام ١٩٧١. ثم اختفت الإنتاجات الأردنية في مجال الأفلام الروائية الطويلة لفترة طويلة، واقتصرت على الأفلام القصيرة والوثائقية بصورة أكبر. 

وفي عام ٢٠٠٨، عادت السينما الأردنية بفيلم "كابتن أبو رائد" الذي كان على مستوى عال من الجودة، وبعدها توالت الأفلام الأردنية مثل: فيلم "مدن ترانزيت" في عام ٢٠١٠، وفيلم "الجمعة الأخيرة" في عام ٢٠١١، وفيلم "ذيب" في ٢٠١٤، وفيلم "ضحكت موناليزا" في عام ٢٠١٢، وفيلم "صباح الليل" في عام ٢٠١٧ وفيلم "بنات عبد الرحمن" في عام ٢٠١٩. 

وأضافت نايل بأن هذه الأفلام وغيرها لا تكفي للقول بأن هنالك سينما أردنية، ونحن نطمح لتصبح لدينا في الأردن صناعة سينمائية حقيقية. بيد أنه وحتى اللحظة، فإن الإنتاجات السينمائية الأردنية قليلة ولا نستطيع أن نقول بأن هنالك صناعة سينما في الأردن، لأن المقومات الأساسية غير موجودة لعدة أسباب أهمها عدم وجود الدعم المادي الكافي لإنتاج الأفلام، حيث إنها تحتاج إلى تكلفة عالية ودعم فني كبير.

وفي حوار مع المخرج الأردني محمد علوان، قال إننا لا نُنكر دور الحكومة في دعم السينما الأردنية، ففي عام ١٩٦٥، قرّرت وزارة الإعلام إنشاء دائرة السينما والتصوير التي استمر عملها لخمس سنوات. وعند افتتاح التلفزيون الأردني، تم ضم هذه الدائرة للتلفزيون وانصّب التركيز على إنتاج الافلام الوثائقية. بيد أنه وبعد مرور فترة من الزمن، توقف عمل هذه الدائرة وبقي الدور الحكومي غائباً تقريباً حتى تأسست الهيئة الملكية للأفلام في عام ٢٠٠٣، حيث أسهمت الهيئة في إنتاج العديد من الأفلام الأردنية وقامت بالترويج للأردن كموقع لتصوير الأفلام الأجنبية مثل فيلم "لورنس العرب". 

 وأضاف علوان بأن عدم الاهتمام بالإنتاج السينمائي في الأردن وغياب الدعم المادي قد أديا إلى هجرة الكفاءات الفنية الأردنية ونجاحها خارج الأردن، مثل إياد نصار ومنذر رياحنة وصبا مبارك في مصر والمخرج أمين مطالقة في أمريكا.