ورغم أن سبول لم يكتب سوى "أحزان صحراوية"، إلا أن هذا الديوان جعل من تيسير أحد رواد الشعر الحرّ في الأردن
ولد الشاعر والكاتب تيسير السبول عام 1939 في مدينة الطفيلة حيث أتمّ دراسته الابتدائية وانتقل بعدها مع أخيه الأكبر إلى الزرقاء ليتم دراسته الإعدادية ومن ثم إلى عمان للدراسة الثانوية في كلية الحسين، وتفوق سبول في الثانوية العامة ليحصل على منحة دراسية في الجامعة الأمريكية في بيروت لدراسة الفلسفة، لكنه توجّه من بيروت إلى دمشق نظرًا لعدم ارتياحه في بيئة وبين مجتمع الجامعة الأمريكية، وهناك التحق بجامعة دمشق لدراسة الحقوق، حيث تبلورت موهبته الشعرية وعكف على قراءة الكتب والصحف والمجلات اليومية والأسبوعية وساهم في الكتابة في منها مثل "الثقافة"، و"الآداب"، و"الأديب".
أثناء دراسته في سوريا، أُعلنت الوحدة بين مصر وسوريا وقيام الجمهورية العربية المتحدة، وانضم سبول لحزب البعث وتبنّى آراء ناقدة لسياسات عبد الناصر، وشارك في الحركات الطلابية المتأججة حينها بين الطلاب القوميين والشيوعيين، لكن هذه البيئة هي التي حفزت الرغبة بالكتابة لديه، فأخذ يعبر عن ذاته كجزء من الامة العربية وقضاياها ومصيرها. كما تأثر سبول بالأحداث السياسية في الأردن والعالم العربي وما انعكس منها عليه بشكل شخصي، مثل اعتقال أخيه الأكبر شوكت في المظاهرات الاحتجاجية التي عارضت مشروع انضمام المملكة إلى حلف بغداد، والتي على إثرها، كتب تيسير قصيدة "النسب الغائب".
بعد تخرّجه من جامعة دمشق، عاد تيسير إلى الأردن وعمل في دائرة ضريبة الدخل، لكنه قرر ترك الوظيفة الحكومية ليبدأ التدريب في المحاماة حتى انتقل مع عائلته للعمل في البحرين ثم السعودية. وعاد لاحقًا للأردن ليفتح مكتبًا للمحاماة في الزرقاء، وينضم لفريق عمل الإذاعة الأردنية في تقديم برنامج "مع الجيل الجديد" وظل يقدمه حتى وفاته عام 1973.
جمعت حصيلة نتاجه الشعري لاحقاً في ديوانه الوحيد "أحزان صحراوية" نشرته دار النهار في بيروت عام 1968، ورغم أنه لم يكتب سواه، إلا أن هذا الديوان جعل من تيسير أحد رواد الشعر الحرّ في الأردن وكانت قصيدته "غجرية" من أشهر قصائده إذ كتبها في طالبة جميلة أُعجب بها. لم يكتب تيسير أيضًا سوى رواية واحدة "أنت منذ اليوم" والتي فازت بجائزة جريدة النهار آنذاك. تعبر الرواية عن بطل اسمه "عربي" يعتبر انعاكسًا غير مباشرًا لشخصية تيسير والذي جاءت تسميته من الهموم والقضايا التي يحملها على عاتقه. ركزت الرواية على الهزيمة العربية والانتكاسة إثرها وكانت من بواكير أدب التشاؤم الذي سيطر على المشهد الأدبي العربي في الستينيات والسبعينيات.
شكلت هزيمة حزيران بالنسبة لسبول حالة من الذهول والصدمة المؤلمة والشديدة حيث خسر العرب الضفة الغربية، والجولان، وسيناء لصالح جيش الإحتلال الإسرائيلي. عجز تيسير عن مواصلة الكتابة بعد هذا الحدث، لكن بدء المحادثات بين الطرفين الإسرائيلي والمصري دفعته أن يضع حدًأ لحياته وينتحر في منزله الكائن في عمان مطلع السبعينات، فاقدًا الأمل بحلم العروبة والانتصار والعدالة الاجتماعية. ترك تيسير قبل رحيله قصيدته الأخيرة، التي نشرت لاحقاً تحت عنوان "بلا عنوان" يقول فيها:
"أنا يا صديقي
أسير مع الوهم، أدري
أيمم نحو تخوم النهايةْ
نبياً غريب الملامح أمضي
إلى غير غاية".
بقلم أفنان أبو يحيى